2024-04-20 - السبت
00:00:00

آراء و مقالات

فتنة لحقت بأختها ..

{clean_title}
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
صوت عمان :  

في الأعوام الأخيرة، قمنا أكثر من مرة بوضع أيدينا على قلوبنا (لا على الزناد)، ولامسنا حواف أزمات أمنية، مرات؛ كانت على خلفية الحراكات والاحتجاجات التي سجلنا ارقاما قياسية منها في أعوام ما، حين كانت تقارير الأمن تتحدث عن آلاف الفعاليات الجماهيرية، التي أمنتها أو أمنت لها الحماية، أو جرت اعمال شغب خلالها، مظاهرات واعتصامات واغلاق طرق، وحتى إضرابات، وكلها تقريبا مطلبية، لفئات ما من المجتمع، كالمهنيين والعمال والموظفين والطلبة وغيرهم كثر، وهذا شكل آخر من أشكال الحكم على حيوية الدول ومقدرتها على التفاعل مع متطلبات حياة ديمقراطية ..لا جديد.

لكن هذا العام دون غيره، شهدنا أحداثا بل حدثين نوعيين، اتفقنا بعد نهايتهما بأنهما كانا نوعين من الفتنة التي تهدد استقرار واستمرار الدول والكيانات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، الأول هو المتعلق بمسألة الفتنة التي تجري بشأنها اليوم تحقيقات ومداولات في محكمة أمن الدولة، فيها متهم مثير بالنسبة للإعلام وجرى بشأنه جدل كبير، والثانية هي التي تنامت على خلفية نيابية لتتطور ويحيد خطابها عن المعقول الذي نفهمه ونعرفه، حين نتحدث عن التغيير والإصلاحات السياسية وغيرها.

لا أريد الخوض في الحدثين، فقد قيل فيهما وعنهما الكثير.

نتحدث عن عواقب هذه الازمات، وعن التساؤل الذي أصبح يتوضح يوما بعد يوم، ويطرح نفسه بقوة في الحوار العقلاني العام:

لماذا تكبر الأحداث عندنا بسرعة وتصبح أزمة وتنبجس منها عيون الخطر على الناس والوطن اي على الدولة كلها؟

إنهم السياسيون، الذين تحدثت عنهم في غير مقالة، في معرض دفاعي عن أو تحليلي لبعض المواقف الأمنية، التي تتمخض عنها أزمات سياسية، يرفدها خطاب اعلامي نضالوي ثم تشكيكي ثم في النهاية (ثورجي)، يتغاضى عنه الجميع، رغم المغالطات الكبيرة التي يزخر بها، فلا أزمة أو مشكلة أمنية إلا ويقبع وراءها سبب، وهذا يتجلى بوضوح في قضية النائب (المفصول) من مجلس النواب.

يحق لنا أن نتنفس الصعداء بعد انتهاء كل منعطف أو منزلق سياسي، متفاقم حد السيطرة على الحوار الهام بل وعلى الحياة العامة كلها، ويجب علينا أن نتوقف قليلا لنفهم ما الذي يجعلنا نصل للنتيجة ذاتها كل مرة.. أخطاء سياسية بسيطة أو كبيرة، ثم حوار أو موقف متشنج، فيتأهب الإعلام التشكيكي المتربص وكأنه ينطلق من وسيلة إعلام معادية.. وفي النهاية اختبار قاس دوما، يقع على زنود وأكتاف وقلوب رجال الأمن، ودوما يتجاوزونه بحمد الله، وبلا خسائر.

تجلى معنى وسوء الفتنة في الحدث الأخير، ولم تفارق مخيلتي رغم انشغالها بشأن آخر، إلا أن اخبار الصحافة السورية الرسمية التي كنا نقرأها ونسمعها، ونكتب عنها بداية (الفتنة التي تعرضت لها سوريا الشقيقة)، قفزت الى خيالي، ودفعتني لمزيد من الحذر في الكلام، فالبنزين والنار توفرا بغزارة وبسرعة مذهلة، والجو مؤهل لمزيد من الشحن السلبي.. لكن الأمن هو من حضن البلاد كعادته، وجنبها الحرائق كما يفعل دوما، وأنا حين أقول هذا فلا أشيطن أحدا أو جهة والجهة الوحيدة التي القي اللوم عليها هم المتربصون على هوامش الأحداث، ينتظرون مقدمات نتائج الحسم ليقدموا (وصلتهم) المسجوعة المعروفة، بينما الأمن، يستشعر الحالة منذ انطلاق مقدماتها، ويستدعي ثوابته في عقيدته الوطنية، ويضع أكثر من سيناريو للتعامل مع الحدث الآخذ بالتطور.

هذه دروس مجانية في الديمقراطية والثقافة السياسية المطلوبة، فهي في النهاية ندوة كبيرة يجري فيها حوار بنمطيات مختلفة، وتتمخض عن نتائج، والإنسان يتعلم من خلالها ويطور من خبرته في السمع او التفاعل أو التعامل أو التحليل السياسي.

وصفت الفتنتين في مراحل ما من تداعياتهما بأنهما زوابع في فنجان أو على حوافة..

حتى الزوابع فيها فوائد للصحة واللياقة البدنية.