2024-03-29 - الجمعة
00:00:00

آراء و مقالات

من وحي «لائحة الاتهام»

{clean_title}
عريب الرنتاوي
صوت عمان :  


لم يظهر اسم الأمير حمرة في لائحة المتهمين، وإن كان اسمه تردد في كل فقرة تقريباً، من لائحة الاتهام في القضية التي اشتهرت باسم «الفتنة»...هذا الأمر، سيكون «محورياً» في مرافعات الدفاع وردوده...لست خبيراً قانونياً، ولكن ثمة ثغرة هنا، كبيرة إلى حد يمكن أن ينقلب معها مسار المحاكمة، رأساً على عقب...دور الأمير حمزة، كما تُظهره لائحة الاتهام، كان محورياً، تجاوز ما قيل أنه مظلة، تلطّى المتآمرون بظلالها... خلت لائحة المتهمين من اسم الأمير، فهل ستخلو «لائحة شهود الدفاع» من اسمه كذلك؟ وهل سنراه في المحكمة شاهداً؟...وهذه أولى ملاحظاتنا الانطباعية المستوحاة من لائحة الاتهام.

ثاني ملاحظة؛ أن كل ما سكبته وسائل إعلام دولية مرموقة، آخرها، تقرير ديفيد اغناتيوس لواشنطن بوست، من معلومات وتسريبات حول «الفتنة»، بالذات في بعدها الخارجي، لم نر له انعكاساً جدياً في لائحة الاتهام...قرأنا تساؤلات على لسان الأمير عن مواقف دولة مجاورة، ورغبة على ما يبدو في الانتقال إليها، وربما السكن فيها...المثلث الذي استفاض أغناتيوس في شرح أدواره المُستهدِفةِ للأردن، من ترامب وصهره، إلى نتنياهو الذي قفز من فوق أجهزته الأمنية للضلوع في المؤامرة، مروراً بـ»ظلم ذوي القربى»، لم نر حضوراً لفرسانه في لائحة الاتهام...سفارة الدولة الكبرى التي اتصل بها متآمرون طلباً لدعم الأمير، لم تحضر كذلك...اللائحة ركزت على ثلاثي آخر: الأمير، عوض الله وبن زيد.

ثالث ملاحظة؛ بدت لائحة الاتهام منصبة بالكاملة على ما يدور بين أطراف المثلث: الأمير، الشريف ورئيس الديوان الأسبق...واعتمدت على ما أمكن جمعه من رسائل نصية وصوتية...»فتنة» بحجم التآمر لقلب النظام وإثارة الفتنة، لا يمكن أن تنحصر بثلاثة أشخاص، مهما علا مقامهم، وعظم تأثيرهم...لا بد من شبكة اتصالات محلية، وشخصيات وفاعلين بارزين، لماذا لا يُكشف عن شبكة المتعاونين والأنصار وماهية الاتفاقات والتفاهمات معهم، وما هي أدوارهم المرسومة، وكيف تمت إدارة هذه الشبكة، بعيداً عن أعين الأجهزة، أو قريباً منها، لا نعرف.

رابع ملاحظة؛ وتتعلق بأحجام وأوزان «ثلاثي الفتنة»...إذ يُفهم من السياق العام للقضية، أن باسم عوض لعب دوراً مرجعياً، بوصفه «المرشد الأعلى» للحركة، هو صاحب الرأي المرجعي، ولا «تغريدة» تنشر من دون موافقته...لا أدري كيف وضع الأمير نفسه في وضع كهذا، وكيف أمكن لرجل كعوض الله، أن يشغل مكانة، أكبر منه بكثير...أما الشريف بن زيد، فقد ظننا لوهلة، أنه يكتفي بدور «ساعي البريد»، فإذا به مشحون بطاقة غضب هائلة للنظام والملك، جعلته شديد الحماسة للتورط والتوريط...علماً بأن لائحة الاتهام، لا تأت على ذكر «دوافعه»...هل هي دوافع مالية؟... ارتباطات مشبوهة؟...»شهوة السلطة» والرغبة – ربما - في تقمص دور شريف آخر: زيد بن شاكر؟...ثمة «قطبة مخفية» في علاقة الشريف بالملك والعائلة والنظام عموماً؟

خامس ملاحظة؛ مقدار السذاجة و»الصبيانية» الذي ميّز عمل شبكة المتهمين، فلا أدري من أين جاءتهم الطمأنينة، وكيف أمكن لهم الوثوق بوسائط تواصل، نعرف جميعاً أنها باتت عرضة للاختراق، والتقدم من سفارات وشخصيات، بهذه الدرجة من الخفّة...إذ حتى حين كنا صبية، زمن الأحكام العرفية، كنّا نتوفر على معايير سلامة و»تأمين» أعلى بكثير مما تكشفت عنه تحركاتهم..

وأخيراً؛ بغياب الأمير حمزة عن مسرح القضاء والتقاضي، وفي ظل الحساسية المفهومة لنشر المزيد من الأدلة والبراهين الكاشفة للتورط الخارجي...تبدو المحكمة بانتظار سيناريوين، أحلاهما مُرُّ: الأول؛ أن تتداعى وقائعها، فارضةً كشف المزيد من المعلومات والشواهد، مع كل ما سيترتب عليها من تداعيات على علاقات الأردن مع بعض جواره...والثاني؛ أن تنتهي المحكمة إلى تبرئة المتهمين لعدم كفاية الأدلة، سيما إن توفر للمتهمين محامون جيدون، وبوجود مراقبين من دول، يتمتع المتهمان بجنسياتها.