2024-04-24 - الأربعاء
00:00:00

آراء و مقالات

راح عواد...

{clean_title}
رأفت القبيلات
صوت عمان :  

مُستَشفى الرويال رُغم إتساعِهِ الا انهُ باتَ ضَيِقَاً قبلَ قليل ، باتَ كَقَميصٍ ارتَدَيتُهُ فِي الرّابِعَةِ مِنْ عُمُرِي وَ إستَيقَظتُ صَباحاً وانا أَبلُغُ مِنَ العُمرِ واحِداً وثلاثينَ سَنَة أَرتَديه وَلَكُمْ أَن تَتَخَيَّلوا المَشهَدْ

دَخلتُ بابَ المُستَشّفى هائِمَاً أَبحَثُ عَن عُمَرْ ، احْتَضَنتُهُ كَطِفلٍ تائِهٍ فَقَدَ أُمَّهُ فِي زُحامِ السّوق وَما أَنفَكَ يَبحَثُ عَنها حتى وَجَدَها فحَضَنَها وَبكى،

كانَ غارِقاً فْي دُموعٍ بَلَلّتْ قَميصي وَبَعضاً مِنْ لِحيَتي

وَهُو يُرَدِّدْ " راح عواد".

أَتَعلَمونَ حَجمَ الفَقْد؟! أَتعلَمون أَيَ سَبيلٍ فِي لَملَمَةِ روحِه الهَشَّةْ؟! لَمْ أَمتَلِك لَحظَتَها سِوى البُكاءْ ، وأَيُ بُكاءٍ يُعيدُ لَنا عواد؟!

عواد الصَّلبْ، الَذِّي لَمْ يَنَلْ مِنهُ سِجنُ الجَفر، ولَمْ تَهزِمهُ الأَحكامُ العُرفية، ولا حَتى التَضييقْ

ذَلِكَ القَوي الذي لَطالَما التَفَفنا حَولَهُ مُستَمعينَ فَخوريْنَ بِحكاياتٍ وَ بطولاتْ.

بِبَساطَة يَطرَحُهُ فايروس لَعين أَربَكَ العالَمَ أجمع، كورونا اللَعينَةْ تَفعَلُ ما لَمْ يَقوى على فِعلِه نِظامٌ سياسي، وَلا حُكمُ مَحكَمة

طوالَ سبعَةِ أشهُرْ وَهو يُقاوِم كَعادَتِهْ، يُجابِهُ الأَمراضَ التِّي تُهاجِمُهُ على إثرِ كورونا واحِداً تِلوَ الآخَرْ وَهو على الجَبهَةِ الأَمامِيّة لا يَلينُ وَلا يَستَسلِمْ.

وَلكن! هِي إرادَةُ الله، عَدلُ اللهِ المُطلَقْ فِي أرضٍ تَبحَثُ عَنْ العَدلْ… ماتَ عَوادْ، وَأيُّ مَوتٍ هذا الذي يَستَطيعُ أن يَهزِمَهْ؟!

تَجَرَّأتُ وَدَخَلتُ غُرفَتَهُ فِي المُستَشفى فَكانَ نائِماً وَيَحتَضِنُ عُمَرْ وَ عَدِّي وَ الكَثيرَ مِنْ الرِّفاق وَ الأَصْدِقاء، وَأُردُّنَاً لَمْ يُساوِمْ يَوماً فِي الدِّفاعِ عَنْ قَضاياه و فِلَسطيناً كانَتْ بوصَلَةَ الشَّرَفِ وَ الكَرامَةِ نُصبَ عَينَيه

 فِي الحَقيقَةْ لا أَعلَمُ كَيف كَتَبتُ هذا المَقال، فانا أَجلِسُ بِجوارِ عُمَرْ المُنهارِ تَماماً اواسيهِ تارَةً وَأمسَحُ دُموعِي تارَةً أُخرى أُطَبْطِبُ على ظَهرِهِ وَ أَحبِسُ صَوتِي المَكلوم

أُشيحُ عَنهُ لِأتمالَكَ نَفسي ولا أنهارَ أَكثَرْ
رَحِمَ الله المُناضِلْ الصَّلب اميل  عواد وَغَفَرَ له
لِروحِهِ الرَّحمة و السَّكينَة وَالهَمَ أَهلَهُ وَ عائِلَتَهُ الكَبيرَة وَ قَلبي.