2024-04-23 - الثلاثاء
00:00:00

آراء و مقالات

«أنا شارب سيجارة بني»

{clean_title}
سهم محمد العبادي
صوت عمان :  

عنوان المقال أعلاه وكثير من الأغاني والأفلام تنتشر بين أوساط الشباب المتعاطي للمخدرات بأنواعها و الاتجار بها وترويجها، ويصور لمتعاطيها بأنه متمرد على الواقع والظروف المعيشية، ويشعر بأنه في عالم ثان «ودماغ عالية» وأنه أرضى مزاجه، بينما يرى التاجر أن المتعاطين والمروجين ليسوا أكثر من «زبائن» ، حتى بتنا نشعر ان فيلم «الباطنية» الشهير منتشر.

في الأردن هنالك مناطق آمنة لأمثال هؤلاء القتلة، تلك الأماكن التي كنا نعتقد أن لها أعرافها وعاداتها وتقاليدها المحافظة، حيث بدأ تجار المخدرات ومروجوها ينتهكون قداستها وحرماتها في صيد الضحايا من أبنائها ، وتحويلهم إلى مدمني مخدرات بالتدريج حتى أصبح الأمر واقعا ومنتشرا ومتوفرا وبأسعار في متناول يد البسطاء، وبذلك يكونون بعيدا عن أعين الأمن ، أبناء هذه المناطق معروف عنهم الالتزام وبالتالي سيخاف أي متعاط من فضح سره لاعتبارات مجتمعية خوفا من الفضيحة والنتيجة الاستمرار في التعاطي، لا بل هنالك من أصبح تاجرا ويزرعها في جانب بيته وتدر مالا كثيرا بلا تعب.

الأردن اليوم لا توجد منطقة به إلا وفيها تاجر، مروج أو متعاط، وبالتالي هذا السرطان سرعان ما ينتشر بين الجميع خصوصا فئة الشباب، فهنالك من وقع ضحية لها وهنالك من يتعمد، وفي كل الحالات المجتمع بأكمله يدفع الثمن، لذلك فإن محاربة هذه الفئة والآفة ، لا تقع مسؤوليتها على الأجهزة الأمنية فقط، بل المجتمع بأكمله شريك بهذه المسؤولية، وصمتهم تجاهها جريمة أخرى ، والعائلة هي الأساس في هذه الحرب، فالأب والأم مسؤولين عن سلوكيات أبنائهم وعليهم معرفة تفاصيل حياة أبنائهم اليومية ومراقبتهم ومن هم رفاقهم في المدرسة والشارع، ومراقبة أية أعراض أو تغير في سلوكياتهم، والمدرسة عليها أن تراقب طلابها وتفعيل دور المرشدين التربويين ومراقبة الطلاب داخل الأسوار وخارجها، كذلك الجامعات، وعلى العشائر والعائلات ان تخرج بوثيقة شرف في محاربة هذه الافة ومن يتاجرون بها، فكمْ من عشيرة او عائلة دفعت الثمن بسبب متعاط او تاجر، فالمسؤولية على الجميع دون استثناء.

بالأمس كشف لنا مدير إدارة مكافحة المخدرات، العقيد حسان القضاة وبوجود نخبة طيبة من أبناء الوطن، عن وجود 11764 قضية اتجار وترويج وحيازة وتعاط حتى نهاية شهر آب، وأنه تم القبض على 5929 تاجرا ومروجا و 11304 متعاطين، وقد بلغ العدد الكلي 17233 شخصا، وأمثال هؤلاء هم عبارة عن قنابل موقوتة منتشرة بين المجتمع الأردني، ولا ينكر أحد أن مديرية الأمن العام وتحديدا إدارة مكافحة المخدرات بالتنسيق مع مختلف الأجهزة الأمنية تقوم بإنجازات عظيمة في ملاحقة هذه العصابات وتجارتهم، مثلما دفعت شهداء من أبناء الجهاز الأمني للحفاظ على سلامة المجتمع، وقد أبلغنا أن هنالك أرقام هواتف للتبليغ عن هذه العصابات والمتعاطين مع الحفاظ على سرية هوية المتصل وعدم الإفصاح عنها في إي حال من الأحوال.

الكرة اليوم أصبحت في يد المجتمع للحفاظ على نفسه وتبدأ من البيت، كذلك على الحكومة ومجلس النواب مراجعة القوانين وتغليظها، فالإعدام هو الحكم العادل لمن يريد أن يعدم مجتمعات من تجار المخدرات ومروجيها، بينما المتعاطي هو شخص مريض يمكن علاجه.

في الأردن حتى الآن لا يوجد مركز لعلاج المدمنين من الأحداث وهذه تحتاج إلى اتخاذ قرار فوري بتأسيسه وإلا فإننا نتركهم للشارع وللتجار، وعلينا ان نبدأ كمجتمع من الان والا فلننتظر ما هو اسوأ .