2024-04-25 - الخميس
00:00:00

آراء و مقالات

الشغف ما بين الحياة وجمال معناها

{clean_title}
صوت عمان :  


كم هي جميلة البدايات في الحياة، في الحب والعمل وكم من الصعوبة الإستمرار والمحافظة عليها من الإنزلاق، فاللهفة في الحصول على أي شيء نريده موجود خاصة لأول مرة، وهي بداية الشغف لتحقيق الهدف النهائي الذي نسعى له لنحقق مستوى رضى يختلف حسب إختلاف الشخصيات والإمكانيات المتاحة، وإذا لم نسعى سنقع في مطب الروتين الذي يضفي عالحياة بكافة جوانبها قليلا من الضجر والتذمر وعدم الرضى عن أنفسنا.

فالشغف passion هو الذي يُحرك الساكن من مكانه ويجعل من المستحيل مُمكناً، هوالرغبة القوية التي تدفعنا وتلهمنا للقيام بأشياء غريبة معتقدين أنها بعيده وصعبة، هو الذي يُحرّكنا من الداخل ويدفعنا للإستمرارية والتحدّي، الوقود الذي يشعل دواخلنا لنحقق النجاحات التي نسعى لها، فكلّ شيء نمارسه مرهون بمدى شعورنا بالشغف تجاهه كالكتابة والعلم والموسيقى وممارسة الرياضة والعمل والحب كلها تتولّد نتيجة الشغف.

الشغف أهم مما نتصوّر، لكن للأسف نشعر أحياناً أننا نفقده فجأه فيُصيبنا السكون في أعماقنا، ونعجز عن فعل أبسط الأشياء، أحيانا لا نمتلكه أو نكتشفه إلّا مؤخرا فنبدأ ببناءه ونخرج من منطقة الراحة التي تعطينا شعور بالأمان وعدم الخوف من المجهول لنتقدم ونحقق ما نريد بتجربة فعل معين نعشقه وقراءة ما يلهم مشاعرنا ويثير إهتمامنا وأن نعمل شيء نتقنه وغير معتاد.

عندما نحظى بالشغف قد لا نستطيع النوم لأجل شيء نحبه، وقد لا نشعر بالتعب أبداً في سبيل تحقيقه، ستزيد إنتاجيتنا وسنستمتع بالعمل حتى المُرهق منه لأنه يحرك بنا الحس الإبداعي ويجعلنا ننتهج كل جديد لتطويره، ومهارة إدارة الوقت في إنجاز أي مهمه مقارنة بشخص لا يملكه، وسنتجاوز العقبات والتحديات الأصعب بحرفية ونحقق إنتصارات لكل عمل نقوم به، لكن شغفنا يتأرجح أحيانا وهذا أمر صحي وطبيعي، لكن من غير الطبيعي أن يختفي لفترة طويلة خاصة إذا إرتبط بشعور الإحباط أو الحزن والوحدة والقلب الذي كان مثل النار المشتعلة تجاه شيء ما أصبح باردا لآ يتحرك، ولتحريكه لا بد من إستعادة التحفيز والشعور بالحماس بأسرع وقت.

عندي شغف كغيري في بعض الأمور وقد أنجح أو أفشل وأُصاب بالإحباط المؤقت، فعندما قررت عمل مشروع مختلف عن مجال التعليم واجهت الكثير من الصعوبات والمشاكل وإحباط من الناس كون الوضع الإقتصادي لا يحتمل المخاطرة وخوض تجربة مختلفة قد تؤثر عكسا، إلاّ أن الشغف في تجربة عمل قد أَندم عليه خير من الندم على عدم الخوض به، وكون رغبتي أن أكون من ال20% الذين يحققون الشهرة والنجاح والتفوق يجب عدم اليأس وتكرار المحاولات والتخلص من كل شيء يمتص طاقتي ويأخذ مني الشغف، لن أرضى أن أكون شخصا عادياً ولن أرضى بأقل مما أستحق.

الشغف شيء نابع من أعماقك لن يصحو إلّا إذا أيقظته ولن يكون لديك الدافعية لتحقيق أي إنجاز طالما لم تسع له فلا تضع توقعات وآمال غير واقعية حتى لا تفقد الحافز والشغف لديك، فإذا إنتهى شغفك فجأة تُصبح مُمارساتك للأشياء بلا معنى ، تُمارس هوايةً مُفضلةً فتشعر بإنعدام رغبة المواصلة، تبذل من أجل مشروعٍ في عملك فتؤدي العمل كالآلة دون روح، يتساوى بنظرك كل شيء، تشعر بشعور اللاشعور لإنعدام الشغف.

كما الشغف بالعمل يحقق الأهداف، الشغف بالحب يحقق السعادة والأمان، فالبدايات الجميلة تكتمل بجمال إستمرارها وديمومتها لضمان نجاح الأسرة والمجتمع والعلاقات الإجتماعية بأبهى صورها.

وأخيراً إن أردت البقاء على قيد الحياة خالط الناس الشغوفة التي تملك حماس منقطع النظير فهؤلاء لديهم طاقة تنتقل وإن كانت شعور، وستصبح أفكارك إيجابية إتجاه العمل والحب والحياة، فلا يمكن تحقيق أي شيء عظيم بدون شرارة الشغف لتتمكن من جعل المستحيل مُمكنا.

بقلمي:

الدكتورة رهام زهير المومني