2024-04-19 - الجمعة
00:00:00

آراء و مقالات

مطلوب احيانا الاستثمار في الجهل...الأردن نموذجا

{clean_title}
صوت عمان :  

كتب : محمد العويمر

خلق الإنسان لاعمار الأرض والسعي فيها والعمل بيده ليعيش ويعيل نفسه وأسرته وهذا هو الحال حتى تم اختراع المدارس والجامعات ليبدا الإنسان حياته بين روضة ومدرسة وجامعة وفجأة يخرج للحياة ليكتشف أنه في مكان لا يستطيع أن يدبر أموره.

مع أن الأصل في التعليم أن يستمر البعض في الدراسة وليس الكل بمعنى أن يكون أفراد الأسرة موزعين بين دارس مبدع متفوق وبين عامل منتج ينفق على الأسرة اما ان تذهب كل العائلة إلى التعليم وتغرق نفسها في الديون الاستهلاك والقروض من أجل التعليم وبلا دخل يأتي ليغطي مصاريفها ومن المستفيد تجار التعليم في المدارس الخاصة التي أصبح عددها ضعف عدد المدارس الحكومية وكذلك الجامعات التي تمنح كراتين تعلق على الحيطان تخصصات لا يحتاجها لا سوق العمل ولا الخريج الذي يبدأ حياته العملية بعيدا عن دراسته التي اغرقت اهله بالديون وهو بالهموم والمستقبل المظلم.

نأتي إلى الأردن التي كانت تقوم على مواطن يعتمد الإنتاج في الزراعة وتربية الثروة الحيوانية والتجارة ولم يكن يفكر بالوظيفة لان الأسرة تعتمد اسلوب حياة الاكتفاء الذاتي من إنتاجها.

ثم جاءت مرحلة التعليم الالزامي والدراسة للجميع فبدا المواطن الأردني التخلي عن زراعته وثروته الحيوانية ومصالحه الخاصة وتجارته وأصبح يبحث عن الاستقرار بعيدا عن مكان رزقه الذي كان يرتحل خلفه طوال العام وبدأ الاستثمار في التعليم بعد أن اقنعته الدولة انه الخيار الأنسب للاسرة الأردنية وبدأت كل أفراد الأسرة يذهبون إلى مراكز التعليم روضه ومدارس وجامعات ومطلوب من شخص واحد الإنفاق عليهم فوق طاقته وبلا معين من الأولاد، وتخرج الأبناء بكراتين الحائط وجلسوا
يستجدون وظيفة من الحكومة العاجزه ومصروفاً من الاب وليس بيدهم صنعة او حرفة او جلَد للعمل واليوم هناك نصف مليون متخرج من الجامعات في ديوان الخدمة المدنية بلا عمل أو أمل في عمل مستقبلا انفقوا مليارات في هذا الاستثمار التعليمي والذي أوصل الأسر إلى الغرق في القروض والديون اما خزائن تجار التعليم والبنوك فكبرت كروشهم واموالهم مستمرون في اقناعنا في أن الاستثمار في التعليم هو مستقبلهم هم وليس انتم.

اليوم بعد أن تخلينا عن زراعتنا وحلالنا وتجارتنا واكتفائنا الذاتي الا يجب أن نعود كما كنا لنستثمر في الجهل لانه سيعيد لنا حياتنا بما يدر من دخل لا يرتبط بوظيفة او حكومة او مكان أو وقت.

واليوم نرى في الأردن أن الذين اتجهوا لسوق العمل حالهم افضل من أصحاب الشهادات ماليا واجتماعيا وهنا اتحدث عن أصحاب الحرف الحرة التي يحتاجها المجتمع منذ نشأة البشرية وليس العمالة التي في المصانع والقطاع الخاص ويتم استغلالهم كعبيد برواتب شحادين بفضل الحد الأدنى للأجور الذي يقدم الحد الأدنى للحياة.

نعيش أزمة في الأردن بين تجار جشعين في مجال التعليم وسياسات حكومية تتمادى في اقناعنا ان الاستثمار في التعليم هو الحل ونحن نقول لنعد إلى الاستثمار في الجهل لتعود لنا حياتنا التي نفتقدها بعد أن رهنا أنفسنا لتجار التعليم والبنوك وهجرنا مصادر الخير التي هي بالتأكيد ليست لدى الحكومة او التجار.... أما تجار الغذاء والدواء فحسبي الله ونعم الوكيل بكم.