2024-04-20 - السبت
00:00:00

محليات

هل يتأثر القطاع المصرفي الأردني بما حدث للبنوك الأمريكية؟ أبو حمور يكشف تفاصيل هامة

{clean_title}
صوت عمان :  

الاقتصاد العالمي والاقتصاد الأمريكي تسوده حالة من الترقب بسبب الأوضاع الجيوسياسية العالمية والتضخم الجامح والرفع المتتالي لأسعار الفائدة

القطاع المصرفي في الأردن يعتبر ثاني أفضل الدول استقرارا، من بين 165 دولة

أحمد الضامن 

قال وزير المالية ووزير الصناعة والتجارة الأسبق، الدكتور محمد أبو حمور، حول إفلاس البنوك في أمريكا، إنه من المهم الادراك جيداً للدور المحوري الذي يؤديه الجهاز المصرفي في الاقتصاد، وافلاس بنك ما لا يشبه افلاس شركة عادية، فالأثر المترتب على افلاس بنك يمتد أثره ليشمل شريحة واسعة من القطاعات الاقتصادية المرتبطة بهذا البنك، وهذا ما يفسر الأزمات التي تنتج عادة عن الاضطرابات التي يشهدها القطاع المصرفي، وتظهر حالات الإفلاس نتيجة لتراجع جودة الأصول مثل القروض المشكوك في تحصيلها أو تراجع أسعار الأسهم والسندات في محفظة البنك.

وأشار أبو حمور لـ"صوت عمان" أن ذلك يحدث أيضاً نتيجة لسياسات وقرارات خاطئة تتخذها الإدارات التنفيذية وتؤدي إلى زعزعة ثقة المستثمرين والمودعين، خاصة عندما ينتشر الهلع ويبدأ المودعون بسحب ودائعهم ويعجز البنك عن تلبية طلبات المودعين، وهذا ما حصل في حالة بنك سيليكون فالي الأمريكي وبنوك أخرى خلال الفترة الأخيرة، فالبنك المذكور لم يعمل على تنويع استثماراته بل استخدم نسبة كبيرة من الأموال تجاوزت نصف موجوداته (١٠٨ مليار دولار من أصل حوالي ٢٠٠ مليار دولار تقريبا) في سندات الخزينة الأمريكية طويلة الأجل، والتي انخفضت أسعارها بسبب الارتفاعات المتتالية في نسبة الفائدة خلال الفترة الأخيرة، خاصة وأن جزء كبير من الأموال التي تم استثمارها عبارة عن ودائع قصيرة الأجل تعود لشركات التكنولوجيا.

وأضاف: "يخضع الجهاز المصرفي عادة لرقابة البنوك المركزية التي تحرص على سلامة الأوضاع المالية للجهاز المصرفي، وهذا يذكرنا بقرارات سابقة للفدرالي الأمريكي الذي خفض من متطلبات الرقابة على المصارف في عهد الرئيس السابق، ما أدى إلى تراجع القيود المتعلقة بتركيز استثمارات البنك وكيفية استخدام السيولة المتوفرة لديه، إضافة لذلك لا بد أن نعي بأن مجمل الأوضاع الاقتصادية في دولة ما سيمتد أثرها إلى الجهاز المصرفي، فالاقتصاد العالمي والاقتصاد الأمريكي تسوده حالة من الترقب بسبب الأوضاع الجيوسياسية العالمية والتضخم الجامح والرفع المتتالي لأسعار الفائدة.

وتابع: "لا أعتقد أن المقارنة أو التوقعات الدقيقة ممكنة في المرحلة الحالية، إلا أن هناك بعض المؤشرات والملامح الأساسية التي يمكن أن نستنتج منها بعض التطورات المستقبلية، فكما يلاحظ لم تشمل الأزمة حتى الآن البنوك الكبرى واقتصرت على سيليكون فالي وبنكين آخرين مع احتمالية أن تمتد لثلاث أو أربع بنوك صغيرة أخرى، أيضاً من الواضح أن الحكومة الأمريكية كانت حريصة على التعامل مع هذه الأزمة بطريقة مختلفة ،حيث أعلنت عن ضمان كافة الودائع بغض النظر عن قيمتها، وهذا الإجراء سوف يبث الطمأنينة لدى المودعين في البنوك الأخرى وبالتالي تراجع حالة الهلع والذعر لديهم، وبالرغم من التراجع الذي شهدته أسعار أسهم البنوك والسندات إلا أن هذا التراجع غير مرشح للاستمرار، كما أنه من المتوقع أن يتأنى الفدرالي الأمريكي في رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه الأسبوع الحالي أو أن يتم الرفع بنسبة أقل، ومن المهم أيضاً أن لا نقلل من قدرة الاقتصاد الأمريكي ومرونته التي يمكن أن تساهم في تجاوز أثر هذه الأزمة".

وبين أن الأثر الأساسي سيتركز على الشركات التكنولوجية الناشئة في سيليكون فالي ولكن ضمانة الحكومة الأمريكية ستمكنها من تجاوز هذه الأزمة، أما القطاعات الاقتصادية الأخرى فعلى الأغلب أن أثر هذه الأزمة سيكون بحده الأدنى ولا يشكل خطورة، وعلى الأرجح فإن أثر هذه الأزمة سيكون مؤقتاً ولن يؤثر بشكل جوهري على الاقتصاد الأمريكي أو العالمي، ولكن هذا لا يقلل من أثر العوامل الأخرى مثل التضخم الجامح والرفع المتتالي لأسعار الفائدة والحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات المفروضة بسببها، وهذه كلها عوامل قد يكون لها آثار سلبية على الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي.

وحول مدى تأثر البنوك الأردنية بما يحدث في البنوك الأمريكية، أشار أبو حمور أن الإعلان الرسمي الصادر عن البنك المركزي الأردني، أوضح أنه لا يوجد أي تداعيات سلبية على القطاع المصرفي في الأردن نتيجة لما حدث في بعض البنوك الأمريكية، حيث أن البنوك الأردنية لا تملك أي ودائع أو توظيفات أو معاملات مالية مع تلك البنوك، كما أكد مدير عام جمعية البنوك الأردنية أنه لا يوجد أي تعرضات مباشرة للبنوك في الأردن على بنكي سيليكون فالي الأمريكي وكريدي سويس السويسري واللذان تعرضا للانهيار خلال الأيام الماضية.

وأضاف: "على المستوى الاقليمي أكدت السعودية والكويت والبحرين عدم تأثر بنوكها بانهيار بنك سيليكون فالي الأمريكي، كما ذكر تقرير لوكالة ستاندرد اند بورز للتصنيف الإئتماني أن نسبة تعرض البنوك الخليجية التي تقوم بتصنيفها ضئيلة جداً، وفي ضوء الظروف الموضوعية الحالية من المستبعد أن يتأثر القطاع المصرفي الأردني بما حدث لبعض البنوك الأمريكية، خاصة وأن البنك المركزي الأردني يتولى عبر دوائره ونشاطاته المختلفة التحقق من سلامة الأوضاع المالية للبنوك ومراقبتها والإشراف عليها بما يكفل سلامة مراكزها المالية وحماية حقوق المودعين والمساهمين في البنوك ، كما يعمل على وضع القواعد والضوابط اللازمة لقيام البنوك بالتعامل مع عملائها بطريقة عادلة وشفافة بما يعزز تنافسيتها ويساهم في حمايتها من المخاطر، كما تقوم أجهزة البنك المركزي بإجراء زيارات ميدانية للتفتيش على البنوك، للوقوف على صحة أعمال وأداء مؤسسات الجهاز المصرفي العاملة في المملكة وسلامة مراكزها المالية والتأكد من تحقيق متطلبات الأمان المصرفي والاستقرار النقدي".

وتابع: "بهذا الخصوص يشار إلى أن القطاع المصرفي في الأردن يعتبر ثاني أفضل الدول استقرارا، من بين 165 دولة، بعد لوكسمبورغ التي جاءت في المرتبة الأولى، استنادا إلى بيانات صادرة عن صندوق النقد الدولي، وذلك وفقاً لما أشارت له ورقة سياسات صادرة عن منتدى الإستراتيجيات الأردني أواخر العام الماضي، وبينت الورقة بأن الأسباب الكامنة وراء متانة القطاع المصرفي في الأردن يعود إلى مستوى الربحية، ونسبة كفاية رأس المال، ومستوى الانحراف المعياري للعائد على الأصول. كما تشير البيانات الرسمية الى إن البنوك الأردنية تتمتع بمؤشرات مالية صحية وسليمة فنسبة كفاية رأس المال للبنوك الأردنية تتجاوز 17% متفوقة على النسبة المطلوبة عالمياً، كما أن نسبة الديون غير العاملة منخفضة جدا وتغطية المخصصات للديون غير العاملة مرتفعة، هذا بالاضافة الى أن البنك المركزي يجري عمليات اختبار للأوضاع الضاغطة للقطاع المصرفي بشكل دوري، وتؤكد جميع نتائج الاختبارات أن البنوك قادرة على تحمل المخاطر والصدمات، هذا بالاضافة الى أن أن البنوك تتسم بالتنويع الكبير في توظيفاتها واستثماراتها ومصادر أموالها مما يزيد من قوة ومتانة القطاع المصرفي".

وأكد أبو حمور أنه لا يوجد ما يشير إلى أن هناك من يقوم بسحب ودائعه في الأردن، والأمور تسير بشكل عادي وطبيعي، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الودائع في الجهاز المصرفي الأردني ارتفعت خلال العام الماضي بحوالي 7.8% لتتجاوز 42 مليار دينار، مما يؤكد ثقة المواطن بالجهاز المصرفي.

ولفت أبو أحمور أنه بعد انفجار الأزمات ينحصر الحديث عن الحلول في تقليص الأثر المترتب عليها واتخاذ إجراءات تضمن عدم السماح بانتشار الهلع والخوف وفقدان الثقة، ولكن الحلول الحقيقية هي تلك الإجراءات المسبقة التي لا تسمح بحدوث هذه الأزمات، وهي تبدأ بالإدارة التنفيذية التي تستطيع أن تبني إدارة مخاطر كفوءة وأنظمة رقابة داخلية فاعلة، وأن تنوع استثماراتها وتحافظ على جودة قروضها بما يضمن سلامة العمليات والقدرة على مواجهة أي مصاعب ومفاجات، كما أن الإجراءات الرقابية والتعليمات التي يضعها البنك المركزي، وبعضها تمت الاشارة اليه باعلاه، تمثل خط دفاع أساسي يضمن عدم حدوث الأزمات ويساهم في الحفاظ على متانة وكفاءة الجهاز المصرفي، مع ملاحظة الأهمية الخاصة للإطار التشريعي الذي في ظله تمارس مختلف الجهات صلاحياتها، كما أن الحرص على سلامة واستقرار الاقتصاد الكلي ونموه المستدام يمثل أيضاً عاملاً اضافياً في الحفاظ على سلامة مختلف المؤسسات التي تعمل في اطاره.