السؤال الذي يفرض نفسه اليوم، وبقوة، ليس عاطفيًا ولا انفعاليًا، بل قانوني وأخلاقي بامتياز:
هل سيكون هناك مساءلة حقيقية وتحقيق شفاف ومحاسبة واضحة لكل من سمح بإدخال مدافئ قاتلة إلى السوق الأردني، وأسهم – بالفعل أو بالإهمال – في وفيات مواطنين أبرياء؟
الحديث هنا لا يدور عن حادث عرضي أو خطأ فردي، بل عن منظومة رقابية يفترض أنها خط الدفاع الأول عن حياة الناس. فوزارة الصناعة والتجارة، والمؤسسة العامة للمواصفات والمقاييس، ليستا جهتين هامشيتين، بل تتحملان مسؤولية مباشرة في فحص واعتماد ومنع أي منتج لا يطابق شروط السلامة العامة.
كيف دخلت هذه المدافئ؟
من أجازها؟
ومن وقّع على مطابقتها للمواصفات؟
هذه أسئلة لا يجوز تجاوزها ببيانات مقتضبة أو وعود عامة بـ"المتابعة”. فالمواصفة ليست ورقة، والترخيص ليس إجراءً شكليًا، والرقابة ليست ترفًا إداريًا. عندما تتحول المدفأة من وسيلة تدفئة إلى أداة موت صامت، فإن الخلل لم يعد فنيًا فقط، بل رقابيًا ومؤسسيًا.
الأردنيون لا يطالبون بالمستحيل، ولا يبحثون عن شماعة. ما يطالبون به ببساطة هو:
تحقيق معلن، نتائج واضحة، أسماء تتحمل المسؤولية، وإجراءات تمنع تكرار الفاجعة.
السكوت هنا ليس حيادًا، والتأخير ليس حذرًا، والتبرير ليس حلًا. كل تأخير في المحاسبة هو رسالة خاطئة مفادها أن الأرواح يمكن أن تُنسى مع أول موجة برد جديدة.
الكرة اليوم في ملعب الجهات المختصة. فإما أن تثبت أن حماية المواطن أولوية لا شعار، أو أن تتحمل تبعات الصمت، سياسيًا وأخلاقيًا وقانونيًا.